فصل: التفسير الإشاري:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



أما قوله تعالى: {فلله المكر جميعًا}.
وأخرج ابن مردويه، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو بهذا الدعاء: «رب أعني ولا تعن عليّ، وانصرني ولا تنصر عليّ، وامكر لي ولا تمكر عليّ، واهدني ويسر الهدى إليّ، وانصرني على من بغى عليّ». {وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ (43)}. أخرج ابن مردويه عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم أسقف من اليمن، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هل تجدني في الإِنجيل رسولًا؟ قال: لا. فأنزل الله: {قل كفى بالله شهيدًا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب}» يقول: عبد الله بن سلام.
وأخرج ابن جرير وابن مردويه من طريق عبد الملك بن عمير، أن محمد بن يوسف بن عبد الله بن سلام قال: قال عبد الله بن سلام: قد أنزل الله فيّ في القرآن: {قل كفى بالله شهيدًا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب}.
وأخرج ابن مردويه من طريق عبد الملك بن عمير، عن جندب رضي الله عنه قال: جاء عبد الله بن سلام رضي الله عنه حتى أخذ بعضادتي باب المسجد، ثم قال: أنشدكم بالله، أتعلمون أني أنا الذي أنزلت فيه: {ومن عنده علم الكتاب}؟ قالوا اللهم نعم.
وأخرج ابن مردويه من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه أنه لقي الذين أرادوا قتل عثمان رضي الله عنه فناشدهم بالله فيمن تعلمون نزل: {قل كفى بالله شهيدًا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب} قالوا فيك.
وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر، عن مجاهد رضي الله عنه أنه كان يقرأ: {ومن عنده علم الكتاب} قال: هو عبد الله بن سلام.
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي، عن ابن عباس- رضي الله عنهما-: {ومن عنده علم الكتاب} قال: هم أهل الكتاب من اليهود والنصارى.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال: كان من أهل الكتاب قوم يشهدون بالحق ويعرفونه، منهم: عبد الله بن سلام والجارود وتميم الداري وسلمان الفارسي.
وأخرج أبو يعلى وابن جرير وابن مردويه وابن عدي بسند ضعيف، عن ابن عمر- رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ: {ومن عنده علم الكتاب} قال: من عند الله علم الكتاب.
وأخرج تمام في فوائده وابن مردويه، عن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ: {ومن عنده علم الكتاب} قال: من عند الله علم الكتاب.
وأخرج أبو عبيد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أنه كان يقرأ: {ومن عنده علم الكتاب} يقول: ومن عند الله علم الكتاب.
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه، عن سعيد بن جبير رضي الله عنه أنه سئل عن قوله: {ومن عنده علم الكتاب} أهو عبد الله بن سلام- رضي الله عنه؟ قال: وكيف، وهذه السورة مكية؟!
وأخرج ابن المنذر عن الشعبي رضي الله عنه قال: ما نزل في عبد الله بن سلام رضي الله عنه شيء من القرآن.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله: {ومن عنده علم الكتاب} قال: جبريل.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه: {ومن عنده علم الكتاب} قال: هو الله عز وجل.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن الزهري رضي الله عنه قال: كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه شديدًا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانطلق يومًا حتى دنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، فسمعه وهو يقرأ: {وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذًا لارتاب المبطلون...} [العنكبوت: 48] حتى بلغ: {الظالمون...} [العنكبوت: 49] وسمعه وهو يقرأ يقول: {الذين كفروا لست مرسلًا...} إلى قوله: {علم الكتاب} فانتظره حتى سلم، فأسرع في أثره فأسلم. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال السمين:
{وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ (40)}
قوله تعالى: {فَإِنَّمَا عَلَيْكَ البلاغ}: جوابٌ للشرط قبله. قال الشيخ: والذي تقدَّم شرطان؛ لأنَّ المعطوفَ على الشرط شرطٌ: فامَّا كونُه جوابًا للشرط الأول فليس بظاهرٍ؛ لأنه لا يترتَّب عليه؛ إذ يصير المعنى: وإمَّا نُرِيَنَّك بعضَ ما نَعِدُهم من العذاب فإنَّما عليك البلاغُ، وأمَّا كونُه جوابًا للشرطِ الثاني وهو: {أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ} فكذلك؛ لأنه يصير التقدير: إنْ ما نَتَوَفَّيَنَّك فإنَّما عليك البلاغُ، ولا يترتَّب جوابُ التبليغِ عليه- على وفاتِه عليه السلام- لأنَّ التكليفَ ينقطعُ عند الوفاة فيُحتاج إلى تأويل: وهو أنْ يُقَدَّرَ لكلِّ شرطٍ ما يناسبُ أَنْ يكون جزاءً مترتبًا عليه، والتقدير: {وإمَّا نُرِيَنَّك بعضَ الذي نَعِدُهم} فذلك شافيك مِنْ أعدائك، أو: إنْ نَتَوَفَّيَنَّك قبل خَلْقِه لهم فلا لَوْمَ عليك ولا عَتَبَ.
{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (41)}
قوله تعالى: {نَنقُصُهَا}: حال: إمَّا مِنْ فاعل: {نأتي} أو مِنْ مفعوله. وقرأ: {نُنَقِّصُها} بالتضعيف الضحَّاكُ، عدَّاه بالتضعيف. قوله: {لاَ مُعَقِّبَ} جملةٌ حالية، وهي لازمةٌ. والمُعَقِّبُ: الذي يكُرُّ على الشيء، فيُبْطله. قال لبيد.
............................ ** طَلَبُ المُعَقِّبِ حَقَّه المَظْلومُ

{وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعًا يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ (42)}
قوله تعالى: {وَسَيَعْلَمُ} قرأ ابنُ عامرٍ والكوفيون: {الكفَّار} جمعَ تكسير، والباقون: {الكافر} بالإِفراد، ذهابًا إلى الجنس. وقرأ عبد الله: {الكافرون} جمعَ سلامةٍ.
{وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ (43)}
قوله تعالى: {وَمَنْ عِندَهُ}: العامَّة على فتح ميم مَنْ، وهي موصولةٌ، وفي محلِّها أوجهٌ، أحدُها: أنها مجرورةُ المحلِّ نَسَقًا على لفظ الجلالةِ، أي: بالله وبمَنْ عنده عِلْمُ الكتابِ كعبد الله بن سلام ونحوِه. والثاني: أنها في محلِّ رفعٍ عطفًا على محل الجلالة، إذ هي فاعلةٌ، والباءُ زائدةٌ فيها. الثالث: أن يكونَ مبتدأً، وخبرُه محذوف، أي: ومَنْ عنده عِلْم الكتاب أَعْدَلُ وأمضى قولًا.
و{عِندَهُ عِلْمُ الكتاب} يجوز أن يكونَ الظرفُ صلةً، و: {عِلْمُ} فاعلٌ به. واختاره الزمخشري، وتقدَّم تقريرُه، وأن يكونَ مبتدأً وما قبله الخبرُ، والجملةُ صلةٌ ل: {مَنْ}.
والمراد بمَنْ عنده عِلْمُ الكتاب: إمَّا ابنُ سَلام أو جبريلُ أو اللهُ تعالى. قال ابن عطية: ويُعْتَرض هذا القولُ بأنَّ فيه عطفَ الصفة على الموصوف ولا يجوز، وإنما تُعْطَفُ الصفاتُ. واعترض الشيخُ عليه بأنَّ: {مَنْ} لا يُوصَفُ بها ولا بغيرِها من الموصولات إلاَّ ما اسْتُثْني، وبأنَّ عطفَ الصفاتِ بعضِها على بعض لا يجوز إلا بشرطِ الاختلاف.
قلت: ابن عطية إنما عَنَى الوصفَ المعنويَّ لا الصناعيَّ، وأمَّا شرطُ الاختلافِ فمعلومٌ.
وقرأ عليٌّ وأُبَيٌّ وابنُ عباس وعكرمة وابن جبير وعبد الرحمن ابن أبي بكرة والضحاك وابن أبي إسحاق ومجاهد في خَلْق كثير: {وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الكتاب} جعلوا: {مِنْ} حرفَ جرّ، و: {عندِه} مجرورٌ بها، وهذا الجارُّ هو خبرٌ مقدَّمٌ، و: {عِلْم} مبتدأ مؤخر. وقرأ عليٌّ أيضًا والحسن وابن السَّمَيْفع: {وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الكتاب} يجعلون: {مِنْ} جارَّةً، و: {عُلِمَ} مبنيًا للمفعول، و: {الكتابُ} رفعٌ به. وقُرئ كذلك إلاَّ انه بتشديد: {عُلِّم}. والضمير في: {عنده} على هذه القراءاتِ لله تعالى فقط. وقُرئَ أيضًا {وبمَن} بإعادةِ الباءِ الداخلةِ على الجلالة. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

من لطائف القشيري في الآية:
قال عليه الرحمة:
{وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ (40)}
نفي عنه الاستعجال أمرًا، و(...) في قلوبهم أنه يوشك أن يجعل الموعود جهرًا.
{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (41)}
في التفاسير: بموت العَلماء، وفي كلام أهل المعرفة بموت الأولياء، الذين إذا أصاب الناسَ بلاءٌ ومحنةٌ فزعوا إليهم فيدعون الله ليكشف البلاَءَ عنهم.
ويقال هو ذهاب أهل المعرفة حتى إذا جاء مسترشِدٌ في طريق الله لم يجد مَنْ يهديه إلى الله.
ويقال: في كل زمان لسانٌ ينطق عن الحقِّ سبحانه فإذا وَقَعتْ فترةٌ سكنَ ذلك اللسانُ- وهذا هو النقصان في الأطراف الذي تشير إليه الآية وأنشد بعضهم:
طوى العصران ما نشراه مني ** وأبلى جدتي نشرٌ وطيُّ

أراني كلَّ يومٍ في انتقاصٍ ** ولا يبقى مع النقصان شيءُ

ويقال ينقصها مِنْ أطرافها أي بفتح المدائن وأطراف ديار الكفار، وانتشار الإسلام، قال تعالى: {لِيُظهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} [الفتح: 28].
ويقال ينقصها من أطرافها بخرابِ البلدان، قال تعالى: {كُلُّ شيء هَالِكٌ إلاَّ وَجْهَهُ} [القصص: 88] وقال: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} [الرحمن: 26] فموعودُ الحقِّ خرابُ العَالَمِ وفناءُ أهلِه، ووعدُه حقٌّ لأن كلامَه صِدْقٌ، واللَّهُ يحكم لا مُعَقِّبَ لِحُكمِه، ولا ناقِضَ لما أبرمه، ولا مُبْرِمَ لِمَا نَقَضَه، ولا قابل لِمَنْ رَدَّه، ولا رادَّ لِمَنْ قَبِلَه ولا مُعِزَّ لِمَنْ أهانه، ولا مُذِلَّ لمن أعَزَّه.
{وَهُوَ سَرِيعُ الحِسَابِ} [الرعد: 41]: لأن ما هو آتٍ فقريب.
ويقال: {سَرِيعُ الحِسَابِ} [الرعد: 41] في الدنيا؛ لأَنَّ الأولياءَ إذا ألموا بشيءٍ، أو هَمُّوا لمزجورٍ عُوتِبُوا في الوقت، وطولِبوا بِحُسْنِ الرُّجعي.
{وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعًا يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ (42)}
مكرُهم إظهارُ الموافقة مع إسرارهم الكُفْرَ، ومكرُ الله بهم تَوَهُّمُهُم أنهم مُحْسِنون في اعمالهم، وحسبانهم أنهم سَنأْمَنُ أحوالُهم، وظَنُّهم أنه لا يحيق بهم مكرُهم، وتخليتُه إياهم- مع مَكِرهم- مِنْ أَعْظَم مَكْرِه بهم.
{وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ (43)}
وَبالَ تكذيبهِم عائدُ إليهم، فإنَّ اللَّهَ شهيدٌ لَكَ بِصَدْقِك. {وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الكِتَابِ} هو الله سبحانه وتعالى عنده عِلْمُ جميع المؤمنين. فالمعنى كفى بالله شهيدًا فعنده علم الكتاب وكفى بالمؤمنين شهيدًا؛ إذا المؤمنون يعلمون ذلك. اهـ.

.التفسير الإشاري:

.قال نظام الدين النيسابوري:

التأويل: {وهم يكفرون بالرحمن} يعنى أن الصفة الرحمانية اقتضت إيجاد جميع الموجودات وإفاضة جميع النعم كما أن صفة القهارية كانت مقتضية للوحدة بأن لا يكون معه شيء ولا نعمة أجل من بعث الرسل، ففيه صلاح حال الدارين لهم، فإذا جحدوا الرسول فقد جحدوا الرحمن وهذا سبب تخصيص هذا الاسم بالمقام كقوله: {إن كل من في السموات والأرض إلا آتي الرحمن عبدًا} [مريم: 93] ولذلك أمر بأن يقول في الجواب: {هو ربي} الذي رباني: {لا إله إلا هو} لا يستحق العبادة إلا هو ولا أفوض أمري إلا إليه وإليه مرجعي كما كان منه مبدئي: {سيرت به} جبال النفوس: {أو قطعت به} أرض البشرية: {أو كلم به} القلوب الميتة بتلاوته عليهم: {تصيبهم بما صنعوا} من كفرهم بالرحمن: {قارعة} من الأحكام الأزلية تقرعهم في أنواع المعاملات التي تصدر عنهم موجبة للشقاوة: {أو تحل قريبًا من دراهم} قالبهم بأن تصدر تلك المعاملة ممن يصحبهم:
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه

{حتى يأتي وعد الله} يدرك الشقاء الأزلي. ومن أمارات الشقاوة الاستهزاء بالأنبياء والأولياء: {ثم أخذتهم} أي أمسكتهم لئلا يرجعوا عن مقام الشقاوة: {لهم عذاب في الحياة الدنيا} بالبعد والحجاب وعبودية النفس والهوى: {ولعذاب الآخرة} بأنواع الحسرات والشعور بالهيئات والملكات الموجبة للدركات: {أكلها دائم} هي مشاهدات الجمال ومكاشفات الجلال: {وظلها} أي إنهم في ظل معاملاتهم وأحوالهم التابعة لشمس وجودهم على الدوام: {والذين آتيناهم الكتاب} هم السر والروح والقلب الذين فهموا أسرار القرآن: {ومن الأحزاب} النفس والهوى والقوى: {من ينكر بعضه} لثقل التكليف عليهم وللجهل بفوائده: {ولئن اتبعت أهواء} المخالفين بالشرك في الطلب: {من بعد ما جاءك من العلم} وهو طلب الوحدانية ببذل الأنانية: {وجعلنا لهم أزواجًا وذرية} فيه أن ارسل جذبتهم العناية في البداية فترقوا من حضيض الحيوانية إلى أوج الروحانية ثم إلى معارج النبوة والرسالة في النهاية قلم يبق فيهم من دواعي البشرية ما يزعجهم إلى طلب الأزواج بالطبيعة والركون إلأى الأولاد بخصائص الحيوانية بل رغبهم الله سبحانه في ذلك على وفق الشريعة بخصوصية الخلافة بإظهار صفة الخالقية ومثله: {وما جعلناهم جسدًا لا يأكلون الطعام} [الأنبياء: 8]: {يمحوا الله ما يشاء} لأهل السعادة من أفاعيل أهل الشقاوة: {ويثبت} لهم من خصال أهل السعادة وبالعكس لأهل الشقاوة: {وعنده أم الكتاب} الذي قدر فيه خاتمة كل من الفريقين: {وإما نرينك} بالكشف بعض مقاماتهم كما أخبر عن العشرة المبشرة بأنهم في الجنة وعن غيرهم بأنه في النار. {أنا نأتي الأرض} أرض البشرية فننقص منا بالازدياد في الأوصاف الروحانية. اهـ.